عزز التحقيق الذي أجراه خبراء منظمة الصحة العالمية والصين في أصول فيروس كورونا في ووهان، نتائج الدراسات التي أشارت إلى أن الفيروس كان منتشرًا في الصين وأوروبا قبل أشهر من تأكيد الحالات الأولى من قبل المسؤولين، حيث وجدت إحدى الدراسات أجساما مضادة لفيروس كورونا عند بعض الأشخاص في الولايات المتحدة في ديسمبر 2019.

وتشير مجموعة متزايدة من الأدلة إلى انتشار فيروس كورونا على مستوى العالم قبل أشهر من بدء الاهتمام العالمي بالحالات الأولى التي ظهرت في سوق ووهان في ديسمبر الماضي.

قام الفريق الدولي الذي أرسلته منظمة الصحة العالمية إلى الصين في يناير للتحقيق في أصل الفيروس ووقت بداية الانتشار، بتقييم السجلات الطبية لأكثر من 230 عيادة في جميع أنحاء هوبي (المقاطعة التي تقع فيها ووهان) للبحث عن أدلة.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الأربعاء أن أكثر من 90 مريضًا في المقاطعة دخلوا المستشفى بسبب التهاب رئوي أو أعراض شبيهة بفيروس كورونا في أكتوبر ونوفمبر 2019.

هذه النتيجة تضفي مصداقية على أبحاث أخرى من الصين أظهرت أن الناس كانوا يمرضون في ووهان في نوفمبر وأوائل ديسمبر.

وأشار أحد التحليلات، استنادًا إلى صور الأقمار الصناعية لمستشفيات ووهان وعمليات البحث عبر الإنترنت عن أعراض مرض فيروس كورونا في المنطقة، إلى أن الفيروس ربما بدأ ينتشر هناك في أواخر الصيف.

ووجدت دراسة أجراها المعهد الوطني للسرطان في ميلانو أن أربع حالات إصابة بفيروس كورونا في إيطاليا تعود إلى أكتوبر 2019. وتشير دراسة أخرى إلى أن الفيروس وصل إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة في ديسمبر 2019.

وعلى الرغم من أن تحديد التاريخ الدقيق لقفزة الفيروس الأولى من الحيوانات إلى البشر أمر مستحيل دون المزيد من البيانات، فإن هذه النتائج تشير إلى أن الذكرى السنوية للوباء في ديسمبر اعتباطية.

الفيروس كان ينتشر في ووهان قبل ديسمبر

مسؤولو الصحة العامة في ووهان أخبروا منظمة الصحة العالمية في البداية عن مرض غامض أطلق عليه لاحقًا اسم فيروس كورونا المستجد (the novel coronavirus) في 31 ديسمبر 2019. لكن السجلات الحكومية تظهر أن أول حالة إصابة بفيروس كورونا في الصين حدثت في 17 نوفمبر 2019، وفقًا لتحقيق أجرته صحيفة South China Morning Post.

وفقًا للصحيفة، حدد خبراء الطب الصينيون 60 حالة إصابة بفيروس كورونا من نوفمبر وديسمبر من خلال إعادة تحليل العينات المأخوذة من المرضى الذين شوهدوا خلال تلك الفترة. كما أظهر هذا التحليل أن شخصا يبلغ من العمر 55 عامًا من مقاطعة هوبي كان أول حالة معروفة لـ COVID-19 في العالم، على الرغم من أنه لم يتم التعرف على المرض في ذلك الوقت.

قبل التحقيق الذي أجرته منظمة الصحة العالمية في يناير، عملت السلطات الصينية على أخذ عينات دم من 92 شخصًا في هوبي تم نقلهم إلى المستشفى بأعراض تشبه فيروس كورونا قبل بدء الوباء.

أخذوا عينات دم من ثلثي هؤلاء المرضى للتحقق من وجود أجسام مضادة خاصة بفيروس كورونا، مما قد يشير إلى أن المرضى سبق أن أصيبوا بالفيروس. أفادت صحيفة وول ستريت جورنال أن جميع العينات التي تم اختبارها سلبية لتلك الأجسام المضادة.

الثلث المتبقي من هؤلاء الـ 92 مريضًا إما ماتوا أو رفضوا المشاركة في اختبار الأجسام المضادة.

قد لا تعني النتائج السلبية أن هؤلاء الأشخاص لم يكونوا مصابين بـ COVID-19. فمستويات الأجسام المضادة تنخفض بمرور الوقت، خصوصا بعد الحالات الخفيفة. لكن هؤلاء المرضى تم نقلهم أيضًا إلى المستشفى، مما يشير إلى مرض أكثر خطورة.

عالمة الفيروسات في فريق منظمة الصحة العالمية، ماريون كوبمانز، قالت لصحيفة وول ستريت جورنال، إن الأجسام المضادة واضحة. تنخفض المستويات، ولكن أقل في حالات العدوى الشديدة، موضحة أنه من خلال ما نعرفه عن الأمصال، من بين 92 حالة سيكون هناك على الأقل بعض النتائج الإيجابية.

ووجدت دراسة أجراها باحثون في جامعة هارفارد أن المزيد من الأشخاص كانوا يزورون مستشفيات ووهان في النصف الأخير من عام 2019. واستخدم المشاركون في الدراسة صور الأقمار الصناعية للمدينة لقياس حركة المرور إلى ستة مستشفيات بالمدينة. لقد شهدوا ارتفاعًا طفيفًا بدأ في أغسطس 2019، والذي بلغ ذروته بعد ستة أشهر. تزامن هذا الجدول الزمني مع زيادة في حركة البحث عبر الإنترنت عن مصطلحات مثل "الإسهال" و "السعال".

سوق ووهان لم يكن مصدر الوباء

من بين 41 حالة إصابة بفيروس كورونا، حسبما ذكرت ووهان لأول مرة، كان العديد منهم قد زاروا أو عملوا في سوق هوانان للمأكولات البحرية بالجملة في المدينة.

ولكن وفقًا لتقرير صدر في أبريل، فإن 13 حالة من أصل 41 حالة أصلية ليس لها صلة بالسوق، مما يشير إلى أن السوق لم يكن الموقع الأصلي للوباء.

كما أكد فريق منظمة الصحة العالمية أن الفيروس لم ينتقل من الحيوانات إلى البشر في سوق هوانان. عضو لجنة الصحة الوطنية الصينية، ليانغ وانيان، الذي ساعد في تحقيق منظمة الصحة العالمية، قال في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء، إن الأدلة تشير إلى أن الفيروس كان منتشرا في مكان آخر في ووهان قبل اندلاع السوق.

أدى تحقيق أجري في مايو أيضًا إلى قيام المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها باستبعاد السوق كمصدر لتفشي المرض. هذا لأنه لم تظهر أي نتيجة إيجابية على الحيوانات هناك.

على الأرجح، كان السوق ببساطة موقعًا لحدث فائق الانتشار مبكرًا، حيث أصاب شخص مريض عددا كبير من الأشخاص الآخرين. أحداث مشابهة من الانتشار الواسع تسبب فيها أشخاص ظهرت حول العالم بين عشية وضحاها أيضا.

فيروس كورونا كان في إيطاليا في خريف عام 2019

سجلت إيطاليا أول حالة إصابة رسمية بفيروس كورونا في لومباردي في 21 فبراير 2020. ومع ذلك، وجدت دراسة حديثة وجود أجسام مضادة لفيروس كورونا في عينات الدم التي تم جمعها من 23 إيطاليًا في سبتمبر 2019 و27 في أكتوبر 2019.

"تشير نتائجنا إلى أن SARS-CoV-2 تم ​​تداوله في إيطاليا في وقت أبكر من تشخيص أول حالات COVID-19 الرسمية في لومباردي، حتى قبل وقت طويل من التقارير الرسمية الأولى من السلطات الصينية، مما يسلط الضوء مجددا على بداية انتشار وباء فيروس كورونا، كتب المؤلفان. (SARS-CoV-2 هو الاسم السريري للفيروس).

هذا الاستنتاج تدعمه دراسة أجرتها وزارة البيئة والصحة في روما، حيث وجد الباحثون المادة الوراثية للفيروس في عينات مياه الصرف الصحي من ميلانو وتورينو، يعود تاريخها إلى 18 ديسمبر 2019.

إسبانيا وفرنسا تعثر على أدلة لانتشار الفيروس في عام 2019

في مايو، اكتشف الأطباء في أحد مستشفيات باريس أن المرضى الذين عولجوا من الالتهاب الرئوي في 27 ديسمبر 2019، قد أصيبوا بفيروس كورونا، ومع ذلك، لم تسجل فرنسا أول حالة رسمية لها حتى 24 يناير.

في غضون ذلك، وجد باحثون من جامعة برشلونة في إسبانيا دليلاً على وجود فيروس كورونا في عينات مياه الصرف الصحي بالمدينة التي تم جمعها في منتصف يناير 2020، قبل ستة أسابيع من أول حالة رسمية في البلاد.

من المثير للدهشة أن عينة من مياه الصرف الصحي أخذت في 12 مارس 2019، أثبتت أيضًا وجود آثار لفيروس كورونا. لكن اختبار مياه الصرف الصحي ليس طريقة مثالية للكشف عن تفشي المرض، كما كتبت كلير كروسان في المحادثة. لذلك من المحتمل أن تكون عينة شهر مارس قد تلوثت أثناء الدراسة.

بحلول ديسمبر 2019، وصل الفيروس إلى الولايات المتحدة

تقدم الأبحاث في الولايات المتحدة أيضًا دليلاً على أن الفيروس قد انتشر عالميًا قبل أن يعرف الناس بأنه موجود.

سجلت الولايات المتحدة أول حالة إصابة بفيروس كورونا في 20 يناير 2020. ولكن وفقًا لإحدى الدراسات، وصل الفيروس إلى شمال غرب المحيط الهادئ قبل شهر على الأقل. أظهرت عينات الدم التي جمعها الصليب الأحمر الأمريكي في تسع ولايات، بما في ذلك كاليفورنيا وأوريجون وواشنطن، أن بعض الأمريكيين لديهم أجسام مضادة لفيروس كورونا في وقت مبكر من 13 ديسمبر 2019.

اختبارات ديترويت للأجسام المضادة

تعتبر الأجسام المضادة مقياسًا غير كامل لتفشي المرض لأن بعض الأبحاث تشير إلى أن أجهزتنا المناعية يمكن أن تخلق أجسامًا مضادة تتعرف على فيروس كورونا الجديد استجابة لبعض نزلات البرد الشائعة. يمكن أن تؤدي اختبارات الأجسام المضادة أيضًا إلى نتائج إيجابية خاطئة.

ومع ذلك، في الماضي، نجح العلماء في استخدام دراسات الأجسام المضادة بأثر رجعي لتتبع أصول السارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) وكلاهما من الفيروسات التاجية. وجد علماء الفيروسات أجسامًا مضادة خاصة بالسارس في قطط "الزباد"، وأجسامًا مضادة خاصة بفيروس كورونا في الإبل، وهي الطريقة التي حددوا بها هذه الأجسام المضادة لكل فيروس.

قد يكون الفحص الإضافي لعينات الدم المأخوذة في عام 2019 أفضل طريقة لمعرفة متى بدأ هذا الوباء بالفعل.

المصدر باللغة الانجليزية: http://bit.ly/377NCaK