كيف أختار القصة المناسبة لطفلي؟

أغلبنا عشنا اللحظات الجميلة ونحن نلتف مساء حول الجدة في جلسة دافئة، إما على أسطح المنازل أو في الحوش الممتد أمام المنزل، خصوصا عند انقطاع الكهرباء.

إذ تقوم الجدة برواية القصص الخيالية والشعبية، فالقصص التي ترويها الجدات مثل الشاطر حسن و الغولة و البساط السحري وغيرها، لها لمسات خاصة ووقع جميل، إذ تترك العنان لمخيلات الأطفال، فيتخيل نفسه بطل القصة، وأحيانا تسمي الجدة البطل باسم أحد الأحفاد ليشتعل الحماس، ويلتهب الخيال أكثر وأكثر.

وفي نهار اليوم الثاني يتبارى الأطفال في إعادة سرد القصص ومن يحفظها أكثر من الآخر، وبهذا تنمي لديهم مهارة التذكر والتركيز وحب المنافسة الإيجابية. 

كان للجدات دور مهم آنذاك  في تعزيز القيم الإيجابية كالكرم والوفاء والصدق، لكن هذا الدور بدأ بالانحسار أمام انتشار وسائل الترفيه والتسلية مثل التلفزيونات والانترنت والنوادي الصيفية.

لكن علينا أن لا ننكر أن الأطفال يستمتعون عندما يقرأ لهم الأهل القصص والكتب التي تخاطب عقولهم بطريقة يفهمونها وَتُعبّر عن التجارب اليومية التي يمرون بها.

وهنا يكمن دور الأهل في تشجيع أطفالهم على اقتناء الكتب والمجلات التي تناسب أعمارهم. فقراءة القصص تنمي لديهم الإبداع والخيال وتمنحهم القدرة على التعبير عن النفس كما تساهم في بناء شخصية الطفل وتشكل ميوله ومعتقداته وأفكاره، فهي تساعد بشكل كبير في حلّ المشاكل النفسية والسلوكية التي قد يعاني منها الطفل.

ليس كل ما يُنشَر يصلح للقراءة، فعلى الأهل أن يحسنوا اختيار ما سيقرؤه الطفل من قصص، إلى أن يصل لمرحلة عمرية يصبح قادراً على اختيار ما يريد قراءته بنفسه بوجود إشراف الأهل طبعا، ومع انتشار معطيات الترفيه والمغريات من حولهم مثل التطبيقات الالكترونية ومواقع الانترنت و الرسوم المتحركة تزداد مهمة الاهل صعوبة في إيجاد شيء يجذبهم ويصرفهم عن التكنولوجيا، فالأطفال يتمتعون بذكاء وعلينا أن لا نستهين بقدراتهم العقلية.

لكن يبقى السؤال.. كيف أختار لطفلي قصة مناسبة له؟

أثبتت بعض الدراسات أهمية أن تقرأ الحامل لجنينها قصصا بصوت عال، نعم، للجنين، بل وتسمعه الموسيقى وتتحدث معه وتحكي له قصة قصيرة قبل النوم، فالجنين في بطن أمه ينصت للأصوات في محيط الأم، وتستمر الأم في القراءة حتى بعد ولادتها.

ففي عمر الستة أشهر يزداد وعي الطفل ويدرك الأشياء الموجودة في محيطه، وكلما قرأت الأم له قصصا وعرضت عليه الكتب المصورة زاد إدراكه وسرّع ذلك في تعلُّمه الكلام، على أن تكون القصة ذات جمل قصيرة وبإيقاع محدد.

وهناك أنواع من الكتب تصدر أصواتا بالفعل ستعجبه وتشجعه على الحركة والتقليد، كالتي تصدر أصوات الحيوانات.

عند بلوغ الطفل ثلاث سنوات يبدأ بإدراك الأشياء من حوله وفهم التفصيلات في محيطه كجسمه ولباسه وأسرته، ومن الضروري أن تكون القصة ممتعة وقصيرة، ويحب الطفل في هذه المرحلة قصصا تحكي عن أشياء يعرفها مثل الأخوة والجد والوالدين والحيوانات الأليفة والطبيعة، مرفقة برسوم ملونة وجذابة وجملة قصيرة في كل صفحة. ويفضل  القصص المجسمة ثلاثية الأبعاد والتي تقفز منها صورا وأشكالا جذابة تساعده على التفكر والاكتشاف.

في المرحلة مابين 5-8 يتعلم الطفل القراءة جيداً لذلك تعد هذه الفترة مثيرة وممتعة للقُرّاء الصغار، فهم يحتاجون إلى الكثير من التشجيع من قِبَل ذويهم للمحافظة على الرغبة في قراءة القصص، خصوصاً مع كثرة الكتب المدرسية.

القصص المناسبة لهذه المرحلة العمرية هي القصص التي تحكي عن الحيوانات مثل الأرنب والسلحفاة لما فيها من خيال ومتعة أو التي تحتوي على شخصيات قليلة لا تشوش ذهنه وبأسلوب بسيط، وحبكة بسيطة، وكلمات واضحة وسهلة، ومن المهم  أن تغرز هذه القصص السلوك الإيجابي لدى الطفل مثل الصدق والتعامل الكبير والرفق بالحيوان.

عند عمر التاسعة فما فوق: تبرز شخصية الطفل أكثر وتتكون لديه اهتمامات معينة وتتطور سماته الشخصية، وهنا تختار الأم له قصصا وفق اهتماماته، وتستطيع الأم أن تصحب طفلها إلى المكتبة لمعرفة ماذا يفضل من أنواع الكتب، وبهذا  يستكشف الطفل القصص ويختار مايحب، قد تتفاجأ الأم بنوع الكتاب الذي اختاره طفلها، ولا يعني هذا أن دورها انتهى بل مساعدتها ضرورية في اختيار الكتاب المناسب من حيث المضمون والفئة العمرية، فتقوم الأم بتفقد الغلاف الأمامي وقراءة الغلاف الخلفي، والتقليب بين صفحات الكتاب، وإلقاء نظرة على رسومات الكتاب، أو الملخص ان وجد.

وفي الختام علينا أن لا ننسى دور المدرسة في تشجيع الأطفال على القراءة واختيار الكتاب المناسب لهم، من خلال تأسيس مكتبة في المدرسة يرتادها الأطفال في حصص النشاط ، وبهذا تساعد الطلاب على تصفُّح الكتب واستعارتها والبحث عن المعلومة بأنفسهم، كما أن إقامة فعاليات ومسابقات للقراءة في المدرسة تشعل فتيل المنافسة المحببة لدى الطلاب فتشجعهم على القراءة وتجعلها نمط حياة لديهم.

 

الكاتبة وسام سعد هي مديرة ثقافة الطفل بوزارة الثقافة الأردنية 

 

اختيار المحرر

10 ملايين شخص سجلوا في تطبيق ثريدز (Threads) في 7 ساعات

أفضل 10 أماكن للعيش فيها للمحترفين الشباب في أمريكا

موضوعات متنوعة

الصورة

عبدالرحمن: أفضل شخصية للأعمال التجارية الصغيرة في أمريكا

الصورة

ما هو الأصل التاريخي لتقليد كذبة نيسان / أبريل؟

الصورة

لماذا يُحسب الأمريكيون العرب على العرق الأبيض في أمريكا ؟

الصورة
Claudette Colvin

طفلة شجاعة تشعل أول مظاهرة ضد الفصل العنصري في أمريكا

الصورة
العربية خامس اللغات استخداما في الولايات المتحدة

أكثر من 350 لغة في أمريكا وشخص من كل 5 يتحدث غير الإنجليزية

الصورة
جيمي كارتر ، الصورة نقلا عن AP

جيمي كارتر: أبرز شخصيات العالم في حل النزاعات