عمان - كما يتضح من أنشطة سفيرها في الأردن، هنري ووستر، تبدي الولايات المتحدة اهتمامًا بعملية الإصلاح السياسي في الأردن. ويرى مراقبون أن هذا الاهتمام الأمريكي هو حافز للأردن الذي يسعى إلى تجنب أي خلل في علاقاته مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
اهتمام ووستر للإصلاح السياسي في المملكة لفت انتباه مراقبي الأردن. تم تفسيره على أنه يعكس اهتمام الولايات المتحدة في تسريع عملية الإصلاح في المملكة.
لم يكن ووستر نشطًا بشكل خاص في الجزء الأول من مهمته خلال الأسابيع القليلة الماضية من ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب. قبل ذلك، ظل المنصب شاغرا لأكثر من ثلاث سنوات، حيث توقع المحللون أن المنصب تم تأجيله حتى الانتخابات الأمريكية.
عندما تولت إدارة بايدن الديمقراطية الجديدة زمام الأمور، بدأ السفير وطاقمه بادر في استكشاف المواقف على الساحة السياسية الأردنية. وبفعلهم ذلك، بدا أنهم يرسلون رسائل، بما في ذلك قلق الولايات المتحدة من تعامل الحكومة مع قضية النقابات العمالية، وخصوصا قرارها المتعلق بحل نقابة المعلمين الأردنية.
وعقد السفير الأمريكي، مؤخرًا، عدة لقاءات وقام بزيارات عديدة كان آخرها إلى مجلس النواب الأردني، حيث التقى برئيسه عبد المنعم العودات، وناقش عددًا من الاهتمامات، من بينها القانون الانتخابي المثير للجدل المعمول به حاليًا.
وقالت مصادر إن السفير الأمريكي حريص على استكشاف مدى استعداد المملكة للمضي قدما نحو تحقيق الإصلاحات التي أعلن عنها الأردن سابقا دون تنفيذها.
واشنطن تعتبر الأردن شريكًا استراتيجيًا في المنطقة. ومع ذلك، فإنها تبدي تحفظات على بعض سياساتها المحلية.
العودات قال خلال لقائه مع ووستر، إن الأردن يمضي بثبات في الإصلاحات السياسية ومراجعة جميع القوانين التي تهدف إلى تعزيز الاداء البرلماني والحزبي. وأضاف أن المسؤولين الأردنيين يسعون في الأساس إلى تجسيد عزم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على وضع خطة للمرحلة المقبلة بما يضمن مشاركة الفئات المختلفة في عملية صنع القرار.
وتابع العودات أن مجلس النواب حريص على تطوير عمل الكتل النيابية وتفعيل دورها من خلال برامج واضحة، مشيراً إلى أن مجلس النواب يمضي في إصلاح يعكس قوة تمثيله الشعبي.
محللون قالوا إن واشنطن تعتبر الأردن "شريكًا استراتيجيًا لا غنى عنه" في المنطقة، لكن لديها العديد من التحفظات حول السياسات المحلية التي أدت إلى عدم الاهتمام بالسياسة، وهو ما تعتبره واشنطن خيارًا سياسيًا منهجيًا يجب تغييره.
وأشاروا إلى أن الحكومة الأردنية تبدو بأنها مدى الحاجة إلى ترتيب منزلها مع دخول المملكة في المئوية الثانية لتأسيسها. وقد بدأت عمان بالفعل في المضي قدماً في هذا الصدد، كما يتضح مؤخراً من قرار الملك عبد الله الثاني بإبعاد أجهزة المخابرات عن ملفات لا علاقة لها بوظائفها وصلاحياتها، مثل القضايا المتعلقة بالاستثمار ومراقبة مؤسسات الأعمال.
وشدد الملك عبد الله الثاني، في مقابلة قبل أسابيع مع وكالة الأنباء الأردنية الرسمية، على أهمية مراجعة القوانين المتعلقة بالحياة السياسية، مثل قوانين الانتخابات والأحزاب والإدارة المحلية، وسلط الضوء على ضرورة إشراك الشباب، الشريحة الأكبر من المجتمع الأردني، في الحياة العامة.
"نظرًا لاهتمامنا بتراثنا وإيماننا بضرورة استمرار التقدم في تعزيز المشاركة السياسية للأحزاب والشباب في البرلمان، يجب علينا إعادة النظر في القوانين التي تحكم الحياة السياسية، مثل قانون الانتخابات وقانون الأحزاب وقانون الإدارة المحلية" قال العاهل الأردني خلال المقابلة.
الانتخابات التشريعية التي جرت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، كشفت عن بعض أوجه القصور في قانون الانتخاب الأردني، مما يفيد دور العشائر على حساب بقية شرائح المجتمع. وقد أدى ذلك إلى نشوء برلمان عشائري، في حين أن وجود الأحزاب والقوى السياسية هو ببساطة شكلي، على الرغم من مستوى مشاركتهم العالية.
في أعقاب النتائج السيئة للأحزاب، ظهرت أصوات تدعو إلى الإصلاح السياسي في المملكة بدءًا من التغييرات في قانون الانتخابات، الأمر الذي لا يعزز عامل العشيرة فحسب، بل يميل إلى إصلاحات فردية بدلاً من الرؤى أو البرامج الشاملة.
وبحسب المحللين، فإن خطاب الملك عبد الله الثاني يعكس وعيه بضرورة الإصلاح واستعادة الحياة السياسية الراكدة في البلاد. ومع ذلك، قد لا يكون هذا سهلاً، لأن السلطات لديها مصلحة في الحفاظ على الوضع الراهن ومحاولة مقاومة أي إصلاح قد يهدد مصالحها.
وقالوا إن اهتمام الإدارة الأمريكية بالإصلاح السياسي سيكون حافزًا إضافيًا لإعطاء المزيد من الاهتمام للموضوع، خصوصا وأن عمان لا تريد أي خلل يفسد العلاقات مع الإدارة الديمقراطية التي تعتبرها حليفًا لها.
* مقال مترجم، المصدر: http://bit.ly/3dMMldk