لطالما كان يحتوي اليوم الأول من الوظيفة الجديدة على مزيج من المشاعر والإثارة والحماس والتوتر، وربما الارهاق أيضا.
لقد شعرتُ بكل هذه المشاعر عندما بدأت العمل في مستشفى سينسيناتي للأطفال كممرضة في طابق زراعة الكبد، لكني شعرت أيضًا كما لو أن دائرة حياتي اكتملت تماما؛ هذا لأنني كنت هنا من قبل، حرفيًا، في نفس الطابق، وفي نفس الغرفة، لكن كمريضة.
بعد قضاء الكثير من الوقت في مستشفى سينسيناتي، عرفت أنني أريد العمل هناك، في تلك اللحظة، أدركت أنني قد حققت حلمي أخيرًا.
حلمي بأن أصبح ممرضة.. متى تخيلت ذلك أول مرة؟
بدأ كل شيء في صيف عام 2012، عندما كان عمري 15 عامًا، أدركت أنني لا أرغب في أن أصبح ممرضة فحسب، بل أردت مساعدة الأطفال الذين يعانون من نفس المشكلات الصحية التي عانيت منها.
حدث ذلك أثناء إقامتي في المستشفى بسبب التهاب القولون التقرحي الشديد، نقلت حينها جواً من مستشفى في مسقط رأسي في ديترويت إلى مستشفى سينسيناتي للأطفال لأنني كنت أنتظر عملية زراعة الكبد. فقد أراد الفريق الطبي أن يكون وضعي الصحي مستقرا لدرجة كافية، بحيث إذا أصبح الكبد متاحًا، أكون قادرة على الحصول عليه.
أتذكر بوضوح كيف كانت حالتي آنذاك، ذهبت إلى الحمام ما لا يقل عن 30 مرة في اليوم، وكنت أعاني من جفاف شديد، نزيف، وصداع مستمر لا يتوقف، بينما كانت حرارتي 104.
لم أستطع حتى رفع رأسي، وبذلت الممرضات كل ما في وسعهن من أجل تخفيف آلامي، كانوا يفعلون ذلك بهدوء ويستمعون إلي مهما استغرقهم ذلك من وقت، لقد كانوا رائعين للغاية، لدرجة أنني أردت أن أعيد هذا اللطف إلى شخص آخر.
استمرار الحلم بعد زراعة الكبد
كبر الحلم، وحدث ذلك عندما أقمت مرة أخرى في مستشفى سينسيناتي للأطفال حين كان عمري 17 عامًا، من أجل الحصول على كبد جديد، وكذلك إزالة 95٪ من القولون، ما تطلب مني الحصول على "كيس فغر" لمدة عام.
انتهت اقامتي التي استمرت خمسة شهور بسبب إصابتي بفيروس أثناء فترة التعافي من العمليات الجراحية، لقد هاجم كبدي الجديد وقلبي وكليتي.
وُضعت على جهاز التنفس الصناعي وقضيت بضعة أسابيع في وحدة العناية المركزة قبل أن أذهب إلى وحدة أخرى، ثم عدت إلى قسم الزراعة، وسرعان ما عدت إلى وحدة العناية المركزة بعد فترة وجيزة بسبب نزيف حاد.
لماذا احتجت إلى زراعة كبد؟
حين كنت في السابعة من عمري احتجت إلى كبد جديد، لأني كبدي تعرض إلى ندوب وتليف بسبب إصابتي بفيروس، يعتقد أطبائي أن لديّ تداخل بين حالتين تدعى التهاب الكبد المناعي والتهاب الأقنية الصفراوية الأولي.
تم تشخيصي لاحقًا بالتهاب القولون التقرحي في الصف الرابع.
أزال الأطباء أيضًا القولون، لأنه عندما يعاني شخص ما من التهاب القولون التقرحي الشديد مثلي، تتحسن الأعراض بشكل كبير مع الإزالة. علاوة على ذلك، يكون خطر الإصابة بسرطان القولون مرتفعًا إذا تركت UC في الجسم.
بالعودة إلى تلك الإقامة التي استمرت خمسة أشهر في قسم المرضى الداخليين، أذهلتني الممرضات وفريق زراعة الكبد بأكمله بهدوئهم ولطفهم.
كان التعاون والتخطيط بين جميع التخصصات رائعًا. كان وضعي الصحي خطيرًا، وعلى الرغم من ذلك لم يستسلم أي من أعضاء الفريق الطبي أو يصاب بالذعر.
ثقتهم ورعايتهم حولت الوضع المخيف إلى أقل صعوبة وأعطاني إحساسًا بالسلام، تساءلت عما إذا كان بإمكاني تجاوز الأمر، لكن الفريق ووالداي دعموني وقاتلوا من أجلي، كنت أعلم أنني سأسعى جاهدة لفعل الشيء نفسه للآخرين يومًا ما.
عندما تمت السيطرة على العدوى وأصبحت بصحة جيدة بما يكفي لمغادرة المستشفى، بدأت حياتي تعود إلى وضعها الطبيعي من جديد.. كم كان ذلك رائعا !
لم أكن مضطرة إلى الجري إلى الحمام كثيرًا كما اعتدت، كنت قادرة على امتصاص العناصر الغذائية، ولم أشعر بالمرض طوال الوقت كما في السابق، وكان لدي طاقة لم أشعر بها من قبل.
لقد تحسنت نوعية حياتي بشكل كبير، وبسبب ذلك، تمكنت من إنهاء دراستي الثانوية والالتحاق بالكلية والحصول على شهادة بالتمريض.
حلمي يصبح حقيقة واقعة !
في 30 أغسطس 2021، تحقق حلمي وأصبحت ممرضة في نفس الطابق الذي تلقيت فيه العلاج.. وقفت في نفس الغرفة وشعرت بفوضى كبيرة في مشاعري !
كنت ممتنة جدًا لوجودي هنا، شاكرة للكبد الجديد واللطف الذي تلقيته طوال رحلتي العلاجية الشاقة، وممتنة للأبد للشخص الذي تبرع بكبده لي، هذا الشخص الذي جعل حياتي ممكنة، وممتنة لكوني بصحة جيدة لدرجة كافية من أجل الحصول على شهادة بالتمريض والانتقال إلى سينسيناتي.
لقد مرت الآن بضعة شهور منذ أن بدأت هذه الوظيفة، وما زلت أتعلم كيفية استخدام قصتي الشخصية لمساعدة العائلات الأخرى.
ليس كل وقت هو الوقت المناسب، لكن أحيانا أشاركهم قصتي وأقول لهم إنني أجريت عملية زراع كبد، أعتقد أن هذا يساعدهم على التخلص من الشعور بالوحدة، كما يمنحهم المزيد من الأمل، حيث يشاهدون كيف زرعت كبدا وصرت بصحة جيدة بما يكفي لتحقيق حلمي.
آمل أن تلهم قصتي الأطفال الآخرين تمامًا مثل الممرضات الرائعات اللواتي ألهمنني.
المصدر: https://bit.ly/3y89ZJm