وفقا للخبراء، الجسم لا يتمتع بالحصانة ضد فيروس كورونا فور تلقي اللقاح، وفي بعض الأحيان، جرعة واحدة لا تكفي.
بناء الأجسام المضادة ضد فيروس كورونا يستغرق وقتا، وتتشكل المناعة بدرجات متفاوتة بحسب نوع المطعوم. على سبيل المثال، يوفر لقاح Pfizer مناعة بعد سبعة أيام على الأقل من الجرعة الثانية، بينما يقدم لقاح Moderna مناعة بعد 14 يومًا على الأقل من الجرعة الثانية.
اللقاحات متنوعة، بعضها يتضمن نظاما من جرعتين، مثل Pfizer و Moderna، وبعضها يعتمد على جرعة واحدة، مثل لقاح Johnson & Johnson.
بالنسبة للقاح فايزر، تعطى الجرعة الثانية بعد 21 يومًا من الجرعة الأولى، بينما تُعطى جرعة موديرنا الثانية بعد 28 يومًا من الجرعة الأولى، فيما يقتصر لقاح جونسون وجونسون على جرعة واحدة.
بالنسبة لمطعوم فايزر فإن الفعالية المقدرة بعد الجرعة الأولى وقبل الجرعة الثانية تصل في حدها الأقصى إلى نحو 53٪، بينما تصل عند مطعوم موديرنا إلى نحو 70٪، وهي متفاوتة أيضا بالنسبة إلى اللقاحات الأخرى، مع ملاحظة أن التجارب السريرية صممت لدراسة الفعالية بعد جرعتين، وأن البيانات المتعلقة بالحماية طويلة الأمد بعد جرعة واحدة غير متوفرة.
مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأمريكية، تؤكد على أن الجسم يستغرق بضعة أسابيع لبناء المناعة وتشكيل الحماية من الفيروس المسبب لـ COVID-19 بعد التطعيم، هذا يعني أنه من الممكن أن يصاب الشخص بالفيروس قبل التطعيم أو بعده مباشرة، وتفسير ذلك يعود لأن اللقاح لم يكن لديه الوقت الكافي لتوفير الحماية.
هل تعتبر اللقاحات ضد فيروس كورونا مثالية؟
الجواب بسيط، اللقاحات المتوفرة ليست مثالية في توفير الحماية، خصوصا عند النظر إلى المتغيرات الجديدة التي حدثت على الفيروس، ومدى انتشاره الآن.
إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) وجدت أن لقاحات فايزر و موديرنا أقل فعالية إلى حد ما لدى الأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 عامًا فما فوق. في الولايات المتحدة، نحو 80٪ من الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا تحدث عند الأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 عامًا فما فوق، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).
أستاذ الأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت، الدكتور ويليام شافنر، يقول إن التجارب السريرية نظرت فقط فيما إذا كانت اللقاحات تمنع المرض الشديد، وليس العدوى، مشيرا إلى أن بعض الفيروسات المتحورة قد تجعل اللقاحات أقل فعالية.
تفاوت الحماية والفيروسات المتحورة الجديدة (السلالات)
أظهرت البيانات أن لقاح جونسون وجونسون أحادي الجرعة يحمي بنسبة 66٪ من العدوى المتوسطة إلى الشديدة بشكل عام من 28 يومًا بعد الحقن، على الرغم من وجود اختلاف بنسب الفعالية بحسب المواقع الجغرافية، حيث كان فعالا بنسبة 72٪ في الولايات المتحدة، و 66٪ في أمريكا الجنوبية، و 57٪ في جنوب إفريقيا.
ولكن ثبت أن اللقاح فعال بنسبة 85٪ في حالة الأمراض الشديدة، مع عدم وجود اختلافات بين النتائج بحسب المناطق التي أجريت فيها الدراسة، ولا عبر الفئات العمرية بين المشاركين في التجربة. كما لم تكن هناك حالات دخول إلى المستشفى أو وفيات بعد فترة 28 يوما التي تطورت فيها المناعة.
هل تسبب لقاحات فيروس كورونا الموت؟
المعلومات الخاطئة والمضللة حول لقاحات فيروس كورونا أصبحت أكثر خطورة على الناس من الوباء، خصوصا عندما يكرس بعض الأفراد الخرافات على وسائل التواصل الاجتماعي، زاعمين أن اللقاح يمكن أن يسبب العقم أو يمكن أن يغير الحمض النووي للشخص، وكلاهما غير صحيح.
قد تكون الخرافة الأخيرة، القائلة بأن اللقاح مسؤول عن العديد من الوفيات الحديثة، هي الأكثر إثارة للقلق، خصوصا بعد أن اكتسبت الفكرة قوة بعد وفاة لاعب البيسبول الشهير وناشط الحقوق المدنية هانك آرون، في 22 يناير، بعد أسبوعين فقط من تلقيه اللقاح.
وعلى الرغم من التأكيد على أن وفاة آرون كانت نتيجة لأسباب طبيعية، إلا أنها تركت تساؤلات حول ما إذا كان تلقيه اللقاح قد لعب دورًا في ذلك أم لا.
الأمر تكرر قبل أسابيع أيضا، عندما توفي طبيب من فلوريدا بسبب اضطراب دم نادر بعد 16 يومًا من الحصول على اللقاح.
في مقابلات مع "Yahoo Life"، قال ثلاثة خبراء في الأمراض المعدية واللقاحات إن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، ولا يوجد أي دليل على أن اللقاحات غير آمنة، خصوصا بعد تلقي أكثر من 33 مليون جرعة في الولايات المتحدة لوحدها حتى الآن.
اختصاصي المناعة ومدير مجموعة أبحاث اللقاحات في مايو كلينيك، الدكتور جريجوري بولاند، قال إن مجرد وقوع الحدث بالاقتران مع حدث آخر لا يعني بأنه نتج عنه، مضيفا أنه مع إعطاء هذا العدد الكبير من الجرعات، سيكون من الواضح للغاية في هذه المرحلة ما إذا كان اللقاح مميتًا أم لا.
وقال بولاند، إذا كان لدى لقاح فيروس كورونا فرصة للتسبب في الوفاة بنسبة 1٪، فسيكون لدينا مئات الآلاف من الوفيات، وسنلاحظ ذلك على الفور، مؤكدا بأننا لا نرى أي اختلاف في خلفية معدلات الوفاة، وهذا هو المهم.
أستاذة الإحصاء الحيوي وأخلاقيات الطب والسياسة الصحية في كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا، الدكتورة سوزان إلينبيرج، قالت إن الناس يبحثون دائمًا عن قضية، مشيرة إلى أن الآثار الجانبية الرئيسية، كما أكدتها مراكز السيطرة على الأمراض، غير مهددة للحياة ومؤقتة.
الدكتورة إلينبيرج التي عملت أكثر من عقد في إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، قالت إن على الناس إدراك أن الوفيات ستحدث، موضحة بأن اللقاح يهدف إلى منع المرض المرتبط بالعدوى، لكنه لا يمكن أن يمنع أي أشياء سيئة أخرى تحدث للناس.
وأضافت إن اللقاح لن يمنعك من التعرض للقتل في حادث سيارة، أو يمنعك من الإصابة بنوبة قلبية، كما لن تمنع كل الأشياء التي تحدث لكبار السن على وجه الخصوص، مضيفة بأنه عندما تبدأ عملية إعطاء اللقاح لملايين الناس، فإن كل الأشياء السيئة التي كان يمكن أن تحدث للأشخاص بدون اللقاح ستظل تحدث.
وأعربت الدكتورة إلينبيرج عن أملها في أن يفهم الناس أن حدوث شيئين في وقت واحد لا يثبت أن أحدهما تسبب في الآخر، مؤكدة على احتمال حدوث أشياء سيئة، وبالصدفة، بعد وقت قصير من تلقي اللقاح.
بدوره، قال خبير الأمراض المعدية والأستاذ في جامعة جنوب كاليفورنيا، الدكتور جيفري كلاوسنر، إن الحساسية المفرطة على سبيل المثال تحدث في غضون دقائق من التعرض للقاح ويمكن علاجها باستخدام قلم حقن الأدرينالين. وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض فإن ذلك يحدث بمعدل 11 من أصل مليون، مضيفا بأنه يجب على الناس الشعور بالثقة في هذا اللقاح.