الصورة
لقاح كورونا، الصورة نقلا عن Pharmaceutical Technology

لقاح كورونا، الصورة نقلا عن Pharmaceutical Technology

332 يومًا فقط كانت لازمة لتطوير أسرع لقاح في التاريخ

البدايات 

في 11 يناير 2020، قالت منظمة الصحة العالمية إنها تلقت التسلسل الجيني الكامل لـ  SARS-CoV-2 من جمهورية الصين الشعبية، بالتزامن مع إعلان الصين عن أول حالة وفاة بفيروس كورونا الجديد.

بعد 332 يوما من ذلك التاريخ، بدأت بريطانيا عملية التطعيم في 8 ديسمبر 2020، باستخدام أسرع لقاح يطور في التاريخ، بعدما كان تطوير اللقاحات يستغرق في المتوسط من 10-15 سنة، على الرغم من أن لقاح النكاف (أيو دغيم) استغرق تطويره نحو أربع سنوات.

في نيسان (أبريل) 2020، نشرت صحيفة نيويورك تايمز توقعات الخبراء للمدة التي يمكن ان يستغرقها العالم لتطوير لقاح ضد فيروس كورونا، مشيرة لآرائهم التي أفادت أنه وفي ظل الظروف العادية، فإن اللقاح سيكون جاهزًا بحلول نوفمبر 2033.

أما فيما يتعلق بتكاليف التطوير والإنتاج، فقد قدرت دراسة نشرت في The Lancet Global Health البريطانية في عام 2018، تكلفة تطوير لقاح نموذجي بشكل سريع بما يتراوح بين 31 و68 مليون دولار.

كيف تمكن العالم من الحصول على اللقاح بهذه السرعة؟

عندما تعامل العلماء مع فيروس SARS-CoV-2 المسبب لـ COVID-19، كان لديهم معرفة مسبقة حول فيروسات كورونا، وهي عائلة كبيرة من الفيروسات التاجية، سبعة منها تصيب البشر بالأمراض مختلفة الأعراض: أربعة منها تسبب أعراضا مرضية خفيفة تشبه نزلات البرد المعروفة عند الناس، وثلاثة أخرى تسبب أمراضا خطيرة، وهي:

  • SARS-CoV الذي يسبب متلازمة التنفسية الشديدة (اكتشف عام 2002 في الصين وتسبب في وفاة 774 شخص)
  • MERS-CoV الذي يسبّب متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (اكتشف عام 2012 في السعودية وتسبب في وفاة 449 شخص)
  • SARS-CoV-2 والذي صرنا نعرفه الآن باسم فيروس كورونا المستجد الذي يسبّب مرض COVID-19 (اكتشف في الصين وتسبب في وفاة نحو 1.7 مليون شخص حتى الآن).

العلماء لم يبدأوا من الصفر، فقد كانت فيروسات كورونا محط اهتمامهم منذ أكثر من 50 عامًا، وكان لديهم بيانات حول التركيب والجينوم ودورة الحياة لهذا النوع من الفيروسات منذ وقت طويل. ومع انتشار الفيروس في دول العالم، سارع الباحثون بمشاركة وتبادل البيانات الخاصة بهم مع علماء آخرين، ما ساهم بشكل كبير في تسريع البحث والتجارب السريرية نتيجة لهذا التعاون العالمي.

عامل أساسي: تمويل أبحاث لقاح 

في أمريكا، قاد العالم الأمريكي من أصول مغربية الدكتور منصف السلاوي عملية فيدرالية خاصة أطلق عليها اسم (Operation Warp Speed). اشتركت فيها مؤسسات أمريكية عديدة، منها: وزارة الصحة والخدمات الإنسانية (HHS)، مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، والمعاهد الوطنية للصحة (NIH)، وهيئة البحث والتطوير الطبي الحيوي المتقدم (BARDA)، ووزارة الدفاع (DoD)، إضافة إلى عملها مع شركات خاصة ووكالات فيدرالية أخرى، بهدف تطوير وتصنيع وتوزيع 300 مليون جرعة لقاح آمن وفعال بحلول أوائل العام 2021، كجزء من استراتيجية أوسع لتسريع تطوير وتصنيع وتوزيع لقاحات وعلاجات وفحوصات عرفت مجتمعة باسم الإجراءات المضادة. 

أحد أهداف العملية غير المسبوقة، كان يركز على توفير الموارد اللازمة وتحمل المخاطر المالية، والسماح للشركات بإنتاج وتخزين جرعات اللقاح على الرغم من إدراكها بأن بعض منها قد لا يعمل، وبالتالي تكون مستعدة بعد ساعات من منحها ترخيص الاستخدام الطارئ لتوزيعه على نطاق واسع، وقدمت لهذه الغاية نحو 9 مليارات دولار أمريكي لتمويل تطوير اللقاح وإنتاجه.

في السياق ذاته، قامت المفوضية الأوروبية بجهود مماثلة من خلال تمويل العديد من اللقاحات المرشحة، وعملت مع آخرين من أجل تقديم 8 مليارات دولار لأبحاث COVID-19. في بريطانيا مثلا؛ عمل فريق اللقاحات التابع للحكومة البريطانية على دعم مجموعة متنوعة من أبحاث اللقاحات، ما ساهم في تطوير لقاح Oxford / AstraZeneca، وهي الجهة الأولى التي تنشر نتائج فعالية تجارب المرحلة الثالثة.

التمويل الحكومي ومساهمة الجهات المانحة الخاصة ساعد في بناء مرافق التصنيع على افتراض أن اللقاح كان وشيكًا وأن العقبات التنظيمية المعتادة سيتم تجاوزها بسرعة. على سبيل المثال، ساعدت مؤسسة بيل وميليندا جيتس في تمويل سبعة مصانع في أبريل، على الرغم من أن واحدًا أو اثنين فقط من المصانع سيتم استخدامهما بالفعل.

تدفق الأموال والإعداد المبكر للتصنيع كانوا من العوامل الأساسية في تطوير اللقاح وتوزيعه في وقت قياسي.

تقنية mRNA ليست جديدة 

عملت كل من (Pfizer / BioNTech) و (Moderna) على لقاحات تستخدم تقنية mRNA لأول مرة في التجارب السريرية.

كبير مسؤولي الصحة في Project HOPE والمدير السابق لمركز CDC للصحة العالمية، الدكتور توماس كينيون، قال لـ MNT إن تقنية mRNA هي شيء تعمل عليه المعاهد الوطنية للصحة منذ بعض الوقت.

الدكتور زولتان كيس، من إمبريال كوليدج لندن، قال أيضا إن تقنية mRNA التي استخدمت في بعض اللقاحات كانت قيد التطوير لأكثر من عقدين من الزمن، وباستخدام هذا النوع فإن الإنتاج أسرع وأرخص.

إرشادات التجارب السريرية الصارمة ضمانة للجودة 

في الولايات المتحدة، تقوم إدارة الغذاء والدواء بمراجعة البيانات من كل مرحلة من مراحل التجارب السريرية الثلاث بدقة قبل الموافقة على اللقاح أو منح تصريح الاستخدام في حالات الطوارئ، كما يجب أن يوافق مجلس مراقبة البيانات والسلامة على بروتوكول الدراسة قبل البدء بأي دراسة سريرية.

عوامل أخرى ساعدت في انجاز المراحل السريرية الثلاث

  • الاهتمام الكبير بالمتطوعين المشاركين في الدراسات
  • الوصول السريع إلى آلاف الأشخاص بسرعة نسبية 
  • زيادة عدد مواقع الاختبار لتسهيل التسجيل وجمع كميات كبيرة من البيانات
  • تبسيط عملية تسجيل البيانات بسبب التقدم التكنولوجي

ماذا عن الموافقة؟

الدكتورة بيني وارد، الأستاذة الزائرة في الطب الصيدلاني في كينجز كوليدج لندن ورئيسة لجنة التعليم والمعايير بكلية الطب الصيدلاني، قالت إن الموافقة على الأدوية الجديدة تستغرق عادةً حوالي ستة إلى تسعة شهور، ويرجع ذلك إلى أن البيانات الضرورية غالبا ما يتم تسليمها إلى الهيئات التنظيمية دفعة واحدة.

في حالة لقاحات Covid-19، تم تسريع العملية من خلال ما يُعرف باسم "المراجعة الدورية"، مع الكشف عن المعلومات إلى المنظمين عند الحصول عليها.

عالم واحد من أجل القضاء على تهديد مشترك 

لقد واجه العالم خلال فترة انتشار وباء فيروس كورونا خطرا مشتركا واحدا تطلب منه تجاوز كل الخلافات السياسية، إضافة إلى التخلص من الحسابات التقليدية المتعلقة بالانفاق والتمويل، حيث وقف الجميع في مواجهة مصير واحد! 

الجهود الدولية المشتركة وتبادل البيانات ومشاركتها بين العلماء والمراكز البحثية والدول، والتخلص من العقبات الإدارية وتيسير عمليات الترخيص والتصنيع، والاستفادة من التقنيات الحديثة والبناء على آخر ما وصلت إليه الجهود العلمية، ساهمت جميعها في تسريع عملية تطوير وإنتاج وتوزيع اللقاحات. 

لم يتم إنتاج اللقاح بسرعة كما يتصور الناس، لقد خضع للشروط الموضوعية ذاتها التي تخضع لها عملية إنتاج أي لقاح، لكن مسار التطوير تخلص من الأعباء التي كانت تثقل كاهل العلماء والمراكز البحثية والشركات المصنعة للوصول إلى أهدافهم في تخفيف عذابات البشر، وكما قال  ​​​كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، الدكتور أنتوني فاوتشي: السرعة هي انعكاس لسنوات طويلة من العمل الجاد، وهذا ما يجب أن يفهمه الجمهور.

 

مقالات ذات صلة

الرئيس الأمريكي جو بايدن: "الوباء انتهى"

الصين تفرض الإغلاق على مدينة يبلغ عدد سكانها 21 مليون نسمة

اختيار المحرر

10 ملايين شخص سجلوا في تطبيق ثريدز (Threads) في 7 ساعات

أفضل 10 أماكن للعيش فيها للمحترفين الشباب في أمريكا

موضوعات متنوعة

الصورة

فانوس رمضان : تاريخ ظهوره ومكانته في الدول العربية

الصورة

أشهر 20 مسجد في العالم تتميز بتصاميم معمارية فريدة

الصورة
Cleveland Clinic Abu Dhabi

أفضل مستشفيات العالم : مايو كلينيك الأولى و كليفلاند الثانية

الصورة
ملك الأردن مع الرئيس الأمريكي بايدن في البيت الأبيض AFP

ملك الأردن يقدم رابع أغلى هدية للرئيس الأمريكي في عام 2021

الصورة

أكثر الدول أماناً بالعالم والدول العربية في عام 2022

الصورة
كرة كأس العالم في قطر

أبرز معلومات عن بطولة كأس العالم في قطر 2022