قبل تسعة أشهر من العصيان المدني الشهير الذي قامت به روزا باركس (Rosa Parks)، تم القبض على كلوديت كولفين (Claudette Colvin) البالغة من العمر 15 عامًا في 2 مارس 1955 لرفضها التخلي عن مقعدها في حافلة كانت تفصل البيض عن السود في مدينة مونتغمري بولاية ألاباما الأمريكية.
كانت كولفين في طريقها إلى المنزل من المدرسة عندما أمرها سائق الحافلة هي وثلاثة من زملائها من الطلبة السود، بالتخلي عن مقاعدهم لراكب أبيض، لكنها رفضت الانتقال من مقعدها على الرغم من إجبار أصدقائها على ذلك، مشيرة إلى أنها دفعت الأجرة وأن بقائها جالسة هو حق دستوري.
قوانين الفصل العنصري في مونتغومري كانت تفرض في ذلك الوقت أن يجلس الركاب السود خلف الركاب البيض في وسائل النقل العام، ويقوم سائقو الحافلات بشكل روتيني بنقل الركاب السود لإفساح المجال للركاب البيض.
ونتيجة لذلك، اعتقلت من قبل ضابطي شرطة وتم تقييدها وإخراجها بالقوة من الحافلة، ومن ثمّ حجزها في سجن محلي للبالغين قبل أن توجه لها تهمة انتهاك قانون الفصل، والسلوك غير المنضبط والاعتداء على ضابط شرطة. (تم إسقاط التهمتين السابقتين، لكن الثانية بقيت في سجلها حتى تم شطبها بعد أكثر من ستة عقود في عام 2021).
بعد أن اصطحبها والداها في ذلك اليوم، تذكرت كولفين خوف والدها الذي لم ينم في تلك الليلة خوفا من انتقام منظمة "كو كلوكس كلان"، وجلس مسلحًا طوال الليل.
كولفين لم تكن أول شخص أسود في الجنوب يرفض التخلي عن مقعده في حافلة لراكب أبيض، لكن اعتقالها جاء في لحظة محورية بالنسبة لحركة الحقوق المدنية.
بعدها، تولى محام وناشط بارز في مونتغمري يدعى فريد جراي قضية كولفين التي كانت بالنسبة له أول قضية حقوق مدنية، ورفع دعوى فيدرالية لإلغاء الفصل العنصري في نظام حافلات ألاباما.
ومع ذلك، قرر قادة الحقوق المدنية المحليون عدم المضي قدمًا في القضية، نظراً لبشرتها الداكنة جداً وإلى تقييمها الخاص الذي أظهر بأنها سرعان ما أصبحت حاملاً في سن 16 عامًا، معتبرين بأن ذلك قد يؤثر على فرص الفوز بالقضية، على عكس شخصية روزا باركس المجتمعية المعروفة التي سرعان ما اتبعت خطاها.
في الأول من ديسمبر عام 1955، رفضت باركس (42 عامًا) التي كانت تعمل خياطة وسكرتيرة في NAACP، إخلاء مقعدها في حافلة مونتغمري لراكب أبيض، وتم القبض عليها لهذا السبب.
بعد أيام من هذا الحادث، بدأت حركة مقاطعة حافلات مونتغومري، ورفض السكان السود خلال هذه الفترة استخدام نظام حافلات المدينة.
في 5 ديسمبر 1955. وفي يوم المقاطعة الأول، قال القس مارتن لوثر كينغ جونيور : "أريد أن يكون معروفًا بأننا سنعمل بقوة وجرأة لتحقيق العدالة في حافلات هذه المدينة"، مضيفا "نحن لسنا مخطئين فيما نفعله، وإذا كنا كذلك، فإن المحكمة العليا لهذه الأمة مخطئة".
في عام 1956 رفع جراي، جنبًا إلى جنب مع تشارلز دي لانجفورد، دعوى قانونية أمام المحكمة الجزائية الأمريكية للمنطقة الوسطى في ألاباما، للطعن في دستورية الفصل العنصري في الحافلات في كل من مدينة مونتغمري والولاية، حيث عرفت القضية باسم "براودر ضد غايل".
رُفعت القضية نيابة عن أربع نساء سود، وقررت محكمة المقاطعة في وقت لاحق، أنهن عوملن بشكل غير دستوري في نظام حافلات مونتغمري.
وصلت قضية "براودر ضد غايل" في نهاية المطاف إلى المحكمة العليا الأمريكية التي أيدت بدورها الحكم السابق الذي يفيد بأن الفصل العنصري في الحافلات ينتهك التعديل الرابع عشر من الدستور.
رفضت محاولات الاستئناف، وانتهت حركة مقاطعة حافلات مونتغمري في 20 ديسمبر 1956، بعد 381 يومًا من بدئها، وبعد عام واحد وتسعة أشهر و 18 يومًا من اعتقال كولفين، لتكون بذلك هذه المقاطعة أول مظاهرة أمريكية واسعة النطاق ضد الفصل العنصري.