ترى .. هل يمكن الاكتفاء بالقول إن إمارة "أبو ظبي" هي ثامن أكبر منتج للنفط في العالم؟
بالتأكيد لا، فالكتابة عن المدن بمعزل عن التفكير في هويتها الثقافية والإنسانية وصفاتها المميزة يتعارض مع الانصاف، إذ تحتاج المسألة إلى قراءة معمّقة وإمعان أكثر في التفاصيل.
لذا، حاولت خلال جولة استكشافية في جامع الشيخ زايد الكبير بالعاصمة الإماراتية "أبو ظبي" أول أمس، التدقيق في ملامح الدليل السياحي (سلطان) وهو يشرح بفخر وطني ظاهر عن ذلك المكان المدهش، فيما كنت أرقب بإعجابٍ انعكاس أثر صوته الواثق الممزوج بصورة المسجد الجليلة، على وجوه المستمعين الذين جاؤوا إلى هناك بحثاً عن تجربة سياحية فريدة قد ترسخ في أذهانهم إلى الأبد !
الشواهد والأرقام مثيرة للاهتمام: أكثر من ألف عمود مُزيّن بالورود المرسومة على الرخام، أكبر سجادة يدوية الصنع في العالم، ثريات ضخمة أنيقة مطلية بالذهب، 22 برجاً لضبط إيقاع الضوء، ما يزيد عن 164 ألف متر مربع من الرخام الأبيض الجميل، و 82 قبة تطل بأناقة على السماء .. حيث يشعر الزائر بانسجام الطرز المعمارية التي تتآلف في مكان واحد يبعث في النفس إحساساً بالسكينة والأمان !
من هنا نفكر في المدينة؛ من خلال معالمها ومتاحفها البديعة، ومزاياها الاستثمارية المتعددة كواحدة من الأماكن الأعلى في معدلات الدخل، والأقل في معدلات الجريمة على مستوى العالم، إضافة إلى قدرتها الفائقة على تنظيم الأحداث الثقافية واستقطاب الكفاءات، ودورها المشهود كمنصة ثقافية وحضارية ملهمة !
كل ذلك يتزامن مع الاحتفال باليوبيل الذهبي للدولة، وإطلاق أكبر استراتيجية عمل وطنية للسنوات الخمسين المقبلة على مستوى الإمارات، حيث تبرز العاصمة أبو ظبي اليوم كوجهة عالمية ذات هوية صديقة للفكر والمعرفة، وحاضنة للعلم والابتكار، فيما يبرز جامع الشيخ زايد الذي يتسع لنحو 40 ألف مصلٍ كمعلم وطني راسخ، ورمزٍ ديني جاذب للناس من مختلف الثقافات، معبراً - دون كلام - عن روح التسامح والمحبّة والسلام.