خسر الباحث المصري زايد عطية والدته وأفراد آخرين من عائلته بسبب إصابتهم بفيروس كورونا، إلا أن حزنه على وفاتهم بسبب الوباء لم يمنعه من مواصلة جهوده وإكمال مهمته التي بدأها منذ الأسابيع الأولى لانتشار الجائحة من أجل التوصل إلى لقاح آمن وفعال ضد هذا الفيروس الخطير الذي تسبب في وفاة أكثر من أربعة ملايين ونصف مليون شخص حول العالم حتى اليوم، لا بل منحه دافع إضافي للعمل من أجل انجاز هذا العمل النبيل.
زايد المقيم بمدينة كولومبوس بولاية أوهايو منذ عام 2014، طور بالاشتراك مع آخرين لقاحا محتملا جديدا مضادا لفيروس كورونا، حيث نشر نتائج وتفاصيل انجازه في مجلة PNAS، وهي المجلة الرسمية للأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة (NAS)، بعد أن اثبتت التجارب الطويلة والدقيقة على حيوانات الاختبار وعينات خلايا بشرية نجاحه في الحماية من المرض الذي يسببه فيروس كورونا.
تصميم اللقاح الذي ابتكره الباحث المصري يعتبر النموذج الأول - حتى الآن - الذي يستهدف كلا من المناعة النظامية ومناعة الاغشية المخاطية في القناة التنفسية والمعوية في آن معا، ما يسهل إبطال أثر الفيروس بشكل فوري في مواقع دخوله إلى الجسم خلال تلك الفتحات.
ويحتوي اللقاح أيضا على مادة الشبّة الآمنة ذات الفعالية العالية، وهي مادة مساعدة تم دمجها منذ أكثر من 70 عامًا في العديد من اللقاحات مثل: التهاب الكبد الوبائي باء، والتيتانوس، ولقاح المكورات الرئوية.
وقال الباحث زايد، إن هذه الآلية قد توفر حماية كبيرة ضد عدوى COVID بسبب المناعة الصلبة المتوقعة، وذلك على أساس الاستجابة المعززة والمتزنة من قبل الخلايا المناعية لتقديم المستضد النهائي للخلايا التائية المساعدة، مع استدعاء خلايا الذاكرة بشكل سريع إذا ما حاول الفيروس الدخول الي الجسم وابطال مفعوله في الحال.
ويشير زايد إلى أن اللقاح يحتوي على مضاد للالتهابات من المتوقع أن يخمد الشعور بالإجهاد الناجم عن الاستجابات الالتهابية بعد تلقي اللقاح.
وأضاف الباحث أن الأجسام المضادة التي يتم افرازها من خلال اللقاح تشبه تلك التي يتم افرازها في أجسام الذين تعافوا من الاصابة الطبيعية.
وعن الميزات الإضافية في التقنية المستخدمة في هذا اللقاح، يوضح زايد أن المثير المناعي المستخدم هو بروتين مستخلص من الفيروس وليس من حمض الفيروس النووي، ما يجعل فرص الاصابة الناجمة عن اللقاحات الأخرى منعدمة تماما، كاللقاحات التي تعتمد على الفيروسات الميتة مثلا، إضافة إلى أنه آمن وغير مكلف مقارنة باللقاحات الأخرى، عدا عن سهولة تخزينه وإمكانية تحديثه بما يتناسب مع المتحورات.
من هو الباحث زايد عطية؟
انضم الباحث إلى قائمة الأشخاص الذين يعملون من أجل تطوير واكتشاف اللقاحات للتخفيف من مخاطر الفيروسات والبكتيريا وكل الكائنات الدقيقة، والتي تؤثر على صحة وحياة الناس، وفي هذا السياق يقول: "إن في كل فيروس سر مناعي إذا عرفه العلماء فإن ذلك يساعدهم في إنتاج لقاح مناسب له."
حصل زايد عطية على بكالوريوس طب بيطري من جامعة مدينة السادات في جمهورية مصر العربية عام 2007، وعلى الماجستير في الأمراض المعدية من الجامعة ذاتها عام 2010، وهو على وشك الحصول على درجة الدكتوراه من جامعة ولاية أوهايو (OSU) في تخصص الأمراض المعدية، وهو أب لثلاثة أبناء.
وعن تطلعاته المستقبلية، يقول زايد إنه يرغب في تشجيع الناس بقدر الإمكان على تلقي اللقاح، إلى جانب التركيز على ما تبقى له من متطلبات علمية للحصول على شهادة الدكتوراة، مشيرا إلى رغبته في تقديم خبراته العلمية والعملية في مجال تطوير الأبحاث الخاصة بالأمراض المعدية لبلده مصر وسائر الدول العربية.
وبعد، خسر زايد والدته وعدد آخر من أفراد أسرته بسبب وباء كورونا، لكن العالم كسب جهوده العلمية التي أفضت إلى هذا الانجاز العلمي الهام.
للمهتمين بالإطلاع على تفاصيل إضافية ومتخصصة حول البحث https://www.pnas.org/content/118/34/e2102435118