بعد عام من ترشيحه لمنصب نائب الرئيس الديمقراطي، أصيب فرانكلين روزفلت بشلل الأطفال أثناء إجازته في منزله الصيفي في جزيرة كامبو بيلو في عام 1921، وقد ترك المرض أرجل الرئيس المستقبلي البالغ من العمر 39 عامًا مشلولة بشكل دائم.
في عام 1938، وبعد خمس سنوات من دخول البيت الأبيض، ساعد روزفلت في إنشاء المؤسسة الوطنية لشلل الأطفال، لتصبح فيما بعد مصدر التمويل الأساسي لتجارب لقاح "سالك".
في صيف عام 1952، بلغ الفيروس المسبب لشلل الأطفال ذروته كوباء في الولايات المتحدة، من خلال تسجيل نحو 58 ألف حالة، وأكثر من 3 آلاف وفاة، وشلل أكثر من 21 ألف شخص.
كان معظم العلماء يعتقدون بأن اللقاحات الفعالة لا يمكن تطويرها إلا بالفيروسات الحية، لكن الطبيب الأمريكي جوناس سالك (1914 - 1995) استطاع تطوير أحد أوّل اللقاحات ضد الفيروس.
وفي تجربة اللقاح السريرية الأكبر في التاريخ الأميركي، استخدمت طريقة التعمية المزدوجة للمرة الأولى، كما شارك في التجربة 20 ألف طبيب ومسؤول صحة عامة، و 64 ألف موظف مدرسة و 220 متطوعا، إضافة إلى مشاركة أكثر من 1.8 مليون تلميذ.
ولحشد التأييد، ساهم في الحملة المخصصة لدعم التجربة مشاهير مثل الفيس بريسلي و مارلين مونرو، بينما حثّ روزفلت النّاس على المساهمة من خلال خطب بثتها الإذاعة.
سالك تحدّى العقيدة العلمية المعروفة، وطوّر لقاح "الفيروس المميت" من خلال زراعة عينات من الفيروس ثم تعطيلها عن طريق إضافة الفورما لديهايد، بحيث لا يعد بإمكانها التكاثر.
وعن طريق حقن السلالات الحميدة في مجرى الدم، خدع اللقاح جهاز المناعة في تصنيع الأجسام المضادة الواقية دون الحاجة إلى إدخال شكل ضعيف من الفيروس إلى المرضى الاصحاء.
الدكتور سالك قام باختبار اللقاح على نفسه وعلى أسرته، وحقن نفسه وزوجته وأبنائه الثلاثة في مطبخه بعد غلي الإبر والمحاقن على موقده، ليعلن فيما بعد نجاح الاختبارات البشرية الأولية للجمهور في 26 مارس 1953.
وفي 12 أبريل/نيسان 1955 تم ترخيص اللقاح في أمريكا، وأعلن أنه آمن وفعال وقوي، واعتبر بمثابة معجزة، لتبدأ بعدها حملات التطعيم الواسعة ضد شلل الأطفال في جميع أنحاء العالم، إضافة إلى أنه مهد الطريق للجهود التي قادت إلى القضاء على شلل الأطفال في الولايات المتحدة بحلول العام 1979.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اعتمد المقال على مصادر معلومات متعددة.
